الياقوت السوري - جريدة الكترونية مستقلة
اللجنة المركزية للحوافز والعلاوات التشجيعية والمكافآت برئاسة تجتمع لمراجعة وإقرار أنظمة الحوافز لعدد من الجهات العامة التربية: دورة تكميلية الشهر المقبل لطلاب الصف الأول والثاني الثانوي المهني الجيش الروسي يحبط عدة هجمات إرهابية أوكرانية ردا على مناورات أمريكية مشتركة..كيم جونغ أون يدعو إلى تعزيز القوة البحرية لـكــوريـا الـشـمـالـيـة مـ صرع عشرة أشخاص جراء تـحـطم طـائـرة شمال موسكو العاصفة الاستوائية فرانكلين تصل إلى اليابسة تشديد الرقابة على الأسواق وتأمين مستلزمات الإنتاج أهم مطالب المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال انتهاء عمليات إصلاح بئر شريفة 6 بنجاح الدفاع الروسية: مـقــاتلات روسية تعترض طائرتي استطلاع قرب القرم مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق تحدد أجور نقل ربطة الخبز أول عملية زرع رحم في بريطانيا تميّزت بلحظات عاطفية ومؤثرة: امرأة تبرّعت برحمها لشقيقتها في عملية ناجحة استغرقت 9 ساعات افتتاح قمة بريكس.. بوتين: روسيا قادرة على تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية.. شي جين بينغ: لا نسعى لأي حروب اقتصادية :أخر الاخبار

قراءة نقدية حول رواية /لم أمت ولكن/ للكاتبة:نورا طالب غزالة

علام عبدالهادي
210
2023-06-08

قراءة نقدية حول رواية /لم أمت ولكن/ للكاتبة:نورا طالب غزالة... قدم هذه القراءة الأديب والناقد علام عبدالهادي

content image

..في سياق التطور لذي يطرأ على الفضاء الروائي المعاصر تأتي
 رواية نورا غزالة..الصادرة حديثا عن دار أعراف للنشر والطباعة في دمشق..
 نادرة الطرح في الأعمال الروائية العربية.
لجهة الكشف عن عوالم النفس   الإنسانية..والتناقضات التي تختبئ في دواخلنا من ضعف وقوة
ومن ثقة أو خوف أو ماهو عكس ذلك.
نقول فكرة نادرة لجهة.. أسلوب الطرح  في موضوع الصراع الداخلي الذي  يعصف بالإنسان..وقد مثلت إلى ذلك بالأصوات التي تحضر في لحظات حرجة أوخاصة جدا..عند الانفعال الشديد أو وقوف الشخص عند منعطف ما يحتاج منه إلى مرشد..أو دليل إلى الاتجاه الصحيح..
تبدأ الأحداث مع اليكس والصوت الذي ينطلق من داخلها مناديا  إياها ألا انهضي..ولم تلق بالا للصوت (المجهول) كما أرادت الكاتبة أن تسميه في جميع المواقف التي عصفت بشخصيات العمل تحديدا،اليكس،و جيسي  صديقة اليكس الأقرب إليها والتي لفتها الحال المذري لاليكس والتبدلات التي طرأت عليها.جراء انفصالها عن زوجها جون وهي المرحة والمتفائلة..والمدرسة المجدة في كلية الفنون.وهي الفنانة التشكيلية المميزة التي تمتاز بدقة الملاحظة وجيسي  البطلة الثانية..الأكثر اتزانا وقوة في الشخصية..والغيورة على أصدقائها. والمبادرة للمساعدة وإيجاد الحلول الذكية..وخصوصا بحثها بالاعتماد على الحدس والتحليل والمعاينة للمعطيات الخاصة باليكس.. التي وقعت عليها جيسي مصادفة حينا..وبالمتابعة حينا آخر..
تدور أحداث العمل حول الصراع الداخلي مع اليكس المنفصلة  عن جون زوجها الذي لم تنسها السنوات السبع حالة الحب المختلف معه ..حتى استفاق الضمير  متلبسا صوت الحب ..أطلقت عليه الكاتبة الصوت المجهول..فهو الذي كان حاضرا وملازما لأليكس في كل اللحظات..وقد عبرت صراحة عن ذلك بقولها رغم أنك  الوحيد الذي يرافقني مع هذا اشعر انني وحيدة..
المهم أن الرواية تعرض لثلة من الأصدقاء هم اليكس  جيسي سيلا. ماثيو استيفن..وجون. .أضافة إلى أحداث تعرض لشخصيات ليست رئيسية لكنها تلعب دورا قويا في تحويل دفة الصراع الداخلي لدى  اليكس خاصة.. مثال  الطالب ديفيد الذي أدهش اليكس بلوحته المعروضة في بهو الكلية والتي تأملتها  مع جاك أحد  طلابها.ولفتها أنها مغفلة من التوقيع. ولكن ذات الوجه الذي ترسمه اليكس يتكرر في لوحة ديفيد. فماذا وراء هذا التخاطر..وهل من مصادفة أخرى في ذلك..ما زاد في حدة التوتر والصراع الداخلي لاليكس. مادفعها للبحث عن صاحب اللوحة وسؤالها المدير عمن يكون الرسام وهل من أثر تركه..عاد المدير بالذاكرة إلى ورقة احتفظ بها من ديفيد..تركت العبارة أثرا لدى اليكس فاحتفظت بها.كذلك الطبيبة النفسية التي زارتها اليكس والحوار حول الحب والماضي..
كذلك شخصية العجوز الضرير الذي ألتقى به جون  والحديث عن التأمل..الخ
الفضول قاد اليكس للبحث عن ديفيد وزيارة منزله.المزين بلوحاته المعبرة عن إشكاليات أثارت جدلا في نفسها.الامر الذي وضعها أمام مشهد مرعب يزلزلها لحظة الألتقاء بديفيد يكون قد رمى بنفسه عن السطح منتحرا..
شخصيات ثانوية تمر في الرواية كان المراد من عرضها. اكتمال تجسيد المناخ العام الذي تتحرك ضمنه  شخوص العمل..لجهة إعداد العناصر الموضوعية والتنقل بين المشاهد الداخلية  (ضمن البيت أو القاعة الدرسية اوالسيارة) والمشاهد الخارجية  كلحظة الاصطدام برجل عجوز في الشارع الخ..بغية رسم ملامح شخصية البطلة وربما لتقديم مسوغات الاضطراب والقلق والتصارع الذي تعيشه اليكس..في مسيرها إلى التصالح الداخلي مع ذاتها أومع جون والعودة إلى الحياة الطبيعية في المنزل الجديد الذي أوصى به العجوز المتأمل إلى جون.الذي ألتقى مع حبيبته  اليكس بعد نهار عاصف قضته في مغارة لاريس مع جيسي وسيلا وماثيو واستيفن.
وهنا تجلت المواجهة الكبرى مع الذات ضياعا وتشظى وتأثرا بالحالة الغرائيبة للمغارة ذات الأبواب الستة. والرموزوالأشكال المدونة على الحائط والأرض. وكيف تاهت اليكس عن رفاقها في المغادرة والصراع الداخلي الذي كاد يصل بها إلى الانتحار وإلقاء نفسها في البحيرة..لكن عودة الوعي تبدأ مع قطع الجذع الذي انفرج عن جوهرة.  أنستها المعاناة التي علقت في داخلها فذهبت إلى دفتر الرسم تتأمل الجوهرة وتبدأ برسمها..همس الصوت المجهول في أذن أليكس قائلا أرأيت كيف لقطعة مجوهرات أن تنسيك المحنة التي وقعت فيها..
وقاطعها الصوت المجهول: لا بد من معرفة أن البحث عن جوهر الأشياء ينسيك مرارتها..
كانت جيسي  مأمن اليكس وحضنها..سألتها أليكس هل كنت تعرفين بحالتي..
تجيب انت كالبقية. كل منا لديه صوت يلاحقه في حياته لكن  نحن من يختار مالذي نريد سماعه..وتطلب منهاتجاهل قسوته وسماع صوت القلب فقط. تماما كما حدث مع جون لما سألته أليكس كيف عرفت ما حل بي من ضيق. .اجابها قلبي  دليلي إليك..= في السرد والبنى الفنية...
يتضح لنا.. أن المتخيل السردي  كان حافلا بعناصر التشويق والإثارة.
ويبدو  ملمح السرد الحلمي
مذهبا عمدت من خلاله الكاتبة إلى إفراغ مافي خيالها من رؤى وأفكار انطقتها على ألسنة شخوصها..وحاولت التواري كراو...خلف الصوت المجهول الذي دللت عليه أو من خلاله إلى الحب حينا وإلى الضمير أو صوت العقل حينا آخر..
سكبت الأفكار في قالب روائي ينتسب إلى الرومانسية الحالمة. واعتمدت في الوقت ذاته التخييل  الحلمي  المنطلق من اليقظة حينا..عبر حالة التراخي لاليكس..التي لم تستجب لنداء الحياة والوجود كي تنهض. وقد استمرأت التمدد على السرير..
آخذة  العذر لذاتها من سؤال الصوت المجهول. مازلت تبحثين عن جون في أحلامك...إلخ
إلى آخر ما هناك من مقدمات السرد الموحي بولوج أليكس إلى الحلم لتأخذنا في عوالم أحلامها..التي تريد الكاتبة إسقاطها علينا في الواقع. في دعوة غيرمباشرة.لنا لنعرف ذواتنا..وكأن الراوية تقمصت شخصية الرجل العجوز الضرير الذي يرى ببصيرته مالا نراه بأعيننا..
 تذهب معه الكاتبة لمطالبتنا بمعرفة أنفسنا قبل أن نعرضها على الآخرين أو نطلب منهم النظر إلى وجوهنا..
إن الإبداع المنساب في التخييل السردي يكشف مهارة التركيز  في عوالم شخوص العمل..وقدرة السارد على القراءة المتواصلة في أحلام البطلة ونسج خيوط الربط بين الأحداث. لجهة القطع والوصل بين المقاطع. والانتقال الذهني الحار إلى منطقة الحدث المباشر كي لايفقد القارئ شيئا من شظايا الصراع..
وهنا نجاح آخر للعمل بالقدرة على إقامة علاقة عقدية مع القارئ..
واشراكه في التصورات والتمثل أو المتابعة الحركية للأحداث كمن يشاهد فليما  مصورا يعرض أمامه..
إن السرد الحلمي يتسم بخاصية محاكاة الواقع المراد معايشته..لذا يعمد فن الرواية إليه كونه يتسع لمخيال يقول باستحالة حدوث مايعرض..رغم أنه قابل للحدوث..
فالتجارب الإنسانية
محتملة الحدوث وتقود إلى المتوقع وإلى غير المتوقع إنها ابنة الخيال
والروائي صانع ومخترع من الخيال فضاء وعالما غريب الأطوار حينا وواقعي حينا آخر. حسبما يقوده المذهب الفني  المتبع..
 في السيميائية...
 يلاحظ ان الكاتبة تجري الحوار وتعرض الأحداث الأشد عصفا على ألسنة شخوصها من النساء..في إشارة موحية  إلى موقف ذاتي خاص ينبئ عن انحياز من جهة. وإلى إظهار عمق التجربة لدى النساء اللواتي يشكلن عمق العمل.. وقد بان واضحا ذلك في زيارة الفتيات الثلاثة اليكس وجيسي وسيلا والشابين ماثيو واستيفن. ومن ثم يلحق بهم جون..
إذ عمدت إلى إقصاء الشابين ماثيو واستيفن عن مغامرة جيسي وسيلا. وكذلك اليكس  أثناء التيه الذي ألم بهن وبأليكس..
إذ عزلت الشابين من خلال حادثة انهيار الجدار داخل المغارة وأدى إلى الفصل بين الشابين والبنتين..وبالتالي خوضهن مغامرة البحث عن أليكس..وحدهن
وتعمد الكاتبة إلى تعرية الشخصية التي تريدها أنموذجا ممثلا  في جيسي. نقول تعمد إلى تخليص الشخصية النسوية من عباءة التقليد والمتبع. وبالتالي طرح السؤال.. منا علينا. والجواب في سقوط سيلا في الحفرة التي لاقعر لها..وهي كناية عن طرد الخوف. وإعادة بناء الثقة عبر جيسي أيضا. لما تتخلى نهائيا عن صديقتها سيلا..تحت طلب الصوت المجهول بأن تتابع البحث عن أليكس..وتترك سيلا لأنها وقعت في قعر خوفها..و ما سيلا  هنا الإ رمزا للخوف والتلاشي  وبالتالي طرد روح الانهزام لما اسقتطها الكاتبة في قعر  الحفرة..التي التهمها الظلام..وتكرر كلمة الظلام أكثر من مرة..قصدا إلى رغبة جامحة في الثأر من الخوف الذي حجب المرأة عن أعمال ومغامرات عنيفة.(ما يكشف هنا رأي الكاتبة)
وفي أكثر من إشارة تدلل إلى خصوبة الإدراك والوعي عبر جيسي. وتقوم بإلقاء الوعظ على لسان جيسي وهي تصعد الدرجات الستة عشر..وكأن جيسي هي التي تقود أو تحرك الأحداث الجارية مع الشخوص فهل هي شخصية الراوئية أو أنها  تتوارى خلفها..
ثم تعرض لدور الأنثى في أكثر من مشهد كحال الطفلة التي تظهرها فجأة في المقعد إلى جانب جون وتلمس وجنته وتقول له أمي تحتاجك قربها..
وحتى في نهاية المطاف عندما تعمد اليكس مع جون إلى بيت العجوز والحديث مع المرآة. .كل هذا يشير بقوة إلى اسناد دور البطولة الأساس على نساء العمل. وما ظهور الرجال إلا لضرورة فرضتها طبيعة الصراع..
وقد رسمت شخصيات العمل من الرجال. في حالة المنفعل والمتلقي لما تطلبه أوتوحي به النساء في أغلب المواقف أو المحطات الرجل مستجاب..وكأنها تقول بدوره الثانوي غير المؤثر.فهل هذا موقف الكاتبة من الرجل في الحياة..(كما هو التيار النسوي المتنامي..والمجاهر بعدائيته للرجل وبأنه لايستحق الحب ولا التضحية ولا الاحترام وأنا الاستغناء عنه ممكن..وغير مأسوف عليه)وهنا لانطلق حكما مسبقا ولانذهب إلى أن الكاتبة من هنا التيار..ولكننا هنا نسأل؟؟!!
في البناء اللغوي. .
يلاحظ اعتمادالكاتبة وإطلاقها  الأسماء الأجنبية على شخوص العمل. وهذا ما لايوافق منطق البيئة المكانية الواقعية وكأنها تريد أبعاد الظن لدى القارئ بمآل الأحداث عن الجانب الذاتي..وكأننا نشاهد أو نقرأ سيناريو فيلم سينمائي..في بيئة بعيدة عنا. وتخالف كليا انماطنا الاجتماعية والنفسية. حتى نقول ليس من أبطال الرواية مايمت إلينا بصلة..
يبقى السلاسة اللفظية في السرد توحي بعلاقة متعثرة مع اللغة العربية..ولربما كانت أسلس في مرونة السرد اللفظي..لو العلاقة أمتن. .
ما يدفعنا أحيانا إلى مطالبة الكاتبة إعادة السرد أو مراجعته بغية الأفضل..
رغم أن المقصود وصل إلينا كناقد..وربما يصل إلى القراء تبعا لطبيعة منطقهم في الفهم..
وفي الزمان حددت الشهر السادس من عام 2022..في إشارة إلى خصوصية التجربة في بعديها الذاتي والموضوعي. وراهينية الصراع ومانتج عن عصفه..
في
المجمل. .عمل جيد جدا ويطرح الكثيرمن الرسائل القصيرة والخاصة. ويدعونا إلى دخول دوائر النفس ومواجهتها. للوقوف على حقيقتنا..أمام ثنائية المتناقضات..
في سياق رحلتنا في الحياة التي لاموت فيها بل رحيل كما أفصحت الكاتبة على لسان العجوز الضرير..

-------

الأديب والإعلامي : علام عبدالهادي مدير العلاقات العامة في موقع الياقوت السوري

المصدر: الياقوت السوري

شاركنا تعليقك
×
إعلانات
شخصية من بلدي
الصورة بتحكي
إعلان عقاري
رجال أعمال