دخّن العم " أبو علي " سيكارته ، ورماها خارجا ، ومن ثم اتجه إلى صاحب البقالية بخطى ثقيلة وناوله الدين الذي كان يترتب دفعه وهو ثمن ما اشتراه من احتياجات لأسرته خلال الأسبوع الماضي ، وبعدها همّ بالخروج ..عندها لاحظت تنهيدته العميقة وهو يقول " رزق الله أيام زمان " .
قلت له ياعم : لماذا تتحسر على أيام زمان ونحن في عالم الحضارة والتكنولوجيا ؟
هنا نظر إليّ بدهشة وقال تعالي يا ابنتي أخبرك ما السبب ...
جلسنا على حافة الرصيف بالقرب من سوق للخضار وبدأ بالكلام
" أيام زمان يا ابنتي كانت البيوت دافئة رغم فقرها ومساحتها الواسعة ، مليئة بحكايات شعبية هادئة ، وألعاب بسيطة يخترعها الأهل لرسم ضحكة على وجوه أطفالهم ...
أيام زمان ، كانت صباحات الجيران مختلفة ، الجار يلقي السلام على جاره ويشرب معه قهوته قبل الذهاب كلّ إلى عمله ... كنا نتبادل أنواع الطعام الشهي بيننا–على قلته – لكن كان يملؤه البركة ...أيام زمان بتفاصيلها البسيطة نحنَّ إليها في كل لحظة من زماننا هذا ..
هي ، رغم العوز والفقر، ذكريات عميقة ومشاعر مختلطة ما بين الفرح والسعادة ... حكايات نحن أبطالها ... تضحكنا بتفاصيلها وأحيانا تبكينا ...محطات مرت في حياتنا مليئة بالسعادة أحيانا ، وربما ممزوجة بالألم ...
أين نحن الآن من تلك الأيام الطيبة والدافئة ؟!
" رزق الله أيام زمان " نقولها على كل شيء نصادفه اليوم ، جيلنا مختلف تماما عما نراه، في أيامنا ، أيام زمان ، كانت المبادئ والأخلاق والتربية والقيم هي المرجع الحقيقي للتعامل فيما بيننا ..
أين نحن من أيام الإلفة والمودة مع العائلة ، والقصص والامثال الشعبية الهادفة المتداولة بين الأهل والأبناء ...؟!
أين نحن من أيام الرحمة ومساعدة المحتاج حتى لو كان من أبعد القرى والمدن ...
أيامنا كانت أيام الطرب الجميل والكلمة المعبرة والخلوقة ..أيام القصص والكتب في المنازل ، ليست أيام الانترنت والرفاق وهكذا قيل.. وقال أحدهم... ونشر الآخر ..
أيامنا ، أيام الغابات والسهول والعصافير والانهار ... أيام الطبيعة العذراء التي حولناها اليوم إلى أبنية إسمنتية وطرق .. انظري حتى الحدائق يقطعون شجرها ، لتصبح مقاعد فقط ومساحات واسعة فارغة بلا أشجار .
كانت أيام بسيطة طبيعية لا شيء فيها مصطنع، حتى أدويتنا كانت من الطبيعة وحشائشها التي كنا نجففها في الصيف لنتعالج بها شتاء مثل" الزوفا – النعنع – البابونج – اليانسون .. قشر الرمان ...غيرها "
أيام كانت سهراتنا على أسطح المنازل وعلى ضوء القمر، ولا ننتظر الكهرباء والانترنت..
أيام كانت ال 100 ليرة تكفي لشراء كل ما نحتاجه ..
انظري الآن كل شيء تغير ولاشي له قيمة ... حتى الانسان يموت والتعزية عبر الانترنت بينما كنا نقطع المسافات لتقديم التعازي بصديق أو قريب أو عزيز
في أيامنا ، كان الود والمحبة يجمع العائلة والجيران أيضا ، اليوم لانعرف عن الجار أي شيء ..أيامنا كان في البيت تلفزيون واحد وقناة واحدة وفترة مخصصة للأطفال وأخرى للكبار ، الآن كل غرفة تلفزيون وألف قناة وبدون مراقب . وهاتف واحد في المنزل ، الآن كل شخص في المنزل لدية هاتف محمول أو أكثر ولا مراقب ...
للأسف واقع نعيشه ... لذلك ، ورغم من الفقر والتعب والحاجة إلا أن رائحة الطيبة والأمان والإنسانية مازالت تعبق من أيامنا القديمة وزماننا الجميل ، فلماذا تخلى الناس عن طبيعتهم ، لماذا أصبح كل شيء مصطنعا ، لماذا يجب على الانسان أن يتخذ لنفسه شكلا آخر غير شكله الحقيقي ؟
لذلك يا ابتني تلك اللحظات الجميلة نحاول اجترارها .. نتذكرها بتنهيدة عميقة من القلب قائلين " رزق الله أيام زمان " ..
أنهى كلامه وودعني بابتسامة حنونة وصادقة .. نهض ، وحمل أغراضه وذهب وكأنه من عالم آخر .
مركز الأمن الجنائي بمنطقة طرطوس يلقي القبض على شبكة تقوم بسرقة الأمراس الكهربائية العائدة للشبكة العامة ويتاجرون بها.
شركة الاتصالات ( MTN ) طرطوس تتعرض للسرقة وقسم المدينة الغربي بطرطوس يلقي القبض على السارق
توقيف مجموعة من الأشخاص في حماة بجـ.رم الحفر والتنقيب عن الآثار بشكل سرّي ومصادرة مخطوطة أثرية تعود للقرن الرابع الميلادي