الياقوت السوري - جريدة الكترونية مستقلة
اللجنة المركزية للحوافز والعلاوات التشجيعية والمكافآت برئاسة تجتمع لمراجعة وإقرار أنظمة الحوافز لعدد من الجهات العامة التربية: دورة تكميلية الشهر المقبل لطلاب الصف الأول والثاني الثانوي المهني الجيش الروسي يحبط عدة هجمات إرهابية أوكرانية ردا على مناورات أمريكية مشتركة..كيم جونغ أون يدعو إلى تعزيز القوة البحرية لـكــوريـا الـشـمـالـيـة مـ صرع عشرة أشخاص جراء تـحـطم طـائـرة شمال موسكو العاصفة الاستوائية فرانكلين تصل إلى اليابسة تشديد الرقابة على الأسواق وتأمين مستلزمات الإنتاج أهم مطالب المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال انتهاء عمليات إصلاح بئر شريفة 6 بنجاح الدفاع الروسية: مـقــاتلات روسية تعترض طائرتي استطلاع قرب القرم مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق تحدد أجور نقل ربطة الخبز أول عملية زرع رحم في بريطانيا تميّزت بلحظات عاطفية ومؤثرة: امرأة تبرّعت برحمها لشقيقتها في عملية ناجحة استغرقت 9 ساعات افتتاح قمة بريكس.. بوتين: روسيا قادرة على تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية.. شي جين بينغ: لا نسعى لأي حروب اقتصادية :أخر الاخبار

طائرٌ يشبه السمكة .. محمد حيّاوي

سعدية بن سالم
70
2018-11-22

قصص قصيرة جدّا، تتميّز في جزئها الأوّل بمرارة السّخرية وتنساب على ألسنة الأحياء والأموات على السّواء.

content image

- قصص ترسم على وجه المتلقّي دهشة النهاية

- خاتمة تراوحت بين القتامة والمرح. فحملت دمعة في موضع وبسمة في موضع آخر

عن دار شهريار للنشر وللتوزيع صدرت في كل من بيروت والبصرة مجموعة القصص القصيرة "جدًّا "طائر يشبه السمكة" للرّوائي والقاصّ العراقي محمّد حيّاوي في طبعتها الأولى 2018، وتتكون من قسمين، اختار الكاتب للقسم الأوّل، الذي يتضمّن ثلاثا وثلاثين أقصوصة عنوانا "سعادة الفتى الجريء" واختار للجزء الثّاني الذي يتضمّن ستّ عشرة قصّة عنوانا "لا تخبروا أنجلينا أنّني ميّتة".
 قصص قصيرة جدّا، تتميّز في جزئها الأوّل بمرارة السّخرية وتنساب على ألسنة الأحياء والأموات على السّواء، مشاهد من مسرحية الحياة تختار في كلّ مرّة أبطالها، تتسلل بينهم وتلتقط لحظات المفارقة في السلوك أو في الأقوال ثمّ ترسم على وجه المتلقّي دهشة النهاية وانكشاف القفا. الذي كانت تحجبه الظلال.
وفى محمّد حيّاوي لتقنيات القصّة القصيرة جدّا من حيث البنية السرديّة ومن حيث كمّ الكلمات في كلّ منها ومن حيث مخاتلة الخاتمة. خاتمة تراوحت بين القتامة والمرح. فحملت دمعة في موضع وبسمة في موضع آخر. يقول في قصّة "حرب":
"كان عريفا يقود ثلّة من الجنود المستجدّين. ذات مساء، جاء العقيد وأخبرهم بضرورة ارتداء الأقنعة عندما يقصفهم العدوّ بالأسلحة الكيمياويّة. وعندما سأله: كيف سنعرف ذلك يا سيّدي؟ أجابه العقيد: رائحته تشبه رائحة التفاح. وحين غادر العقيد، سأله أحد الجنود: كيف تكون رائحة التفاح عريفي؟ كان جنديّا ريفيّا لم يعرف طعم التفاح أو رائحته بسبب الحصار. وحين قصفهم العدوّ بالأسلحة الكيمياويّة، لم يدرك أنّ الرّائحة زكيّة إلى هذا الحدّ. أقصد أزكى من أن تكون قاتلة! فمات مبتسما".
ويقول في قصّة "بحر": "على ساحل المتوسّط، أطلقت حبيبته شعرها للرّيح فانتشر عطرها من حوله مثل الزنابير، وعندما جلست على صخرة وانزاح ثوبها عن ساقيها الطويلتين، طلب منها أن تمدّ بصرها بعيدا، ففعلت، ثمّ طلب منها أن تمدّهم أبعد وأبعد ففعلت، ثمّ سألها فيما إذا كانت ترى البندقيّة في الجانب الآخر من البحر كما في المرّة السّابقة. استغربت سؤاله وقالت: لم تطلب منّي ذلك في المرّة السّابقة! لا يدري في الحقيقة! ربّما طلبه من امرأة أخرى، فالبحر كبير جدّا والمدن تتناثر حوله كاللآلئ، والنساء كذلك". 

في القسم الثاني من المجموعة كان محمّد حيّاوي أقرب إلى عالمه الروائي الذي نعرف في "خان الشابندر"، و"بيت السّودان"، تذوب الأزمنة في اللازمان وتكسر الشخصيات جدران العوالم فتخاتل السّارد والمتلقّي على السّواء، هي الحرب تقلب معادلة الحياة وتسخر منها. من الأحياء على الحقيقة؟ أهي تلك "الأرواح البريئة التي مازالت ترقد تحت الأنقاض في الجانب الأيمن من الموصل"؟ والتي وجّه لها الكاتب تحيّة تصديرا لهذا القسم، أو أولئك الذين يسكنون أجسادا مرئيّة تئنّ أرواحهم تحت ثقلها وثقل الحوادث حولها؟ 
عالمان يتبادلان الأدوار في كثير من الأحيان، بكاء يأتي طورا من تحت الأنقاض وأخرى من الأعلى، أرواح هائمة تبحث لها عن حياة وتسعى وراء أحلام بسيطة لم تسعفها حياتها الأولى بتحقيقها، وفي ذلك نقرأ قصّة "سلفي": "أيقظت الأمّ ابنتها المراهقة المهووسة بالأفلام بعد أن تناهى إلى سمعها صوت أنجلينا جولي ونشيجها وسط أطلال أيمن الموصل، انهضي يا ابنتي. إنّها أنجلينا تجوب الخرائب فوقنا. إنّها فرصتك لتحقيق حلمك بالتصوير معها. مسحت الفتاة عينيها وعدّلت شعرها وراحت تتسلّق الأنقاض. صادفتها أنجلينا جولي تجلس باكية وما إن رأتها مقبلة، حتّى ابتسمت لها وفردت ذراعيها لتحضنها، فأخرجت هاتفها والتقطت سِلفي معها وعادت مسرعة إلى الأسفل لتري أمّها الصّورة، لكنّها اندهشت حين لم تر وجهها بجانب وجه أنجلينا المبتسم وسط دموعها. لقد نسيت أنّها ميتة منذ أشهر تحت الأنقاض".
عالم من الفنطازيا برع فيه محمّد حيّاوي وتمكّن من التنويع داخله دون أن يخشى تكرار نفسه أو إعراض المتلقّي عنه، يفاجئه بنغم جديد كلّ مرة دون أن يخرج عن السمفونية الأمّ فينساب السّرد موسيقى متناسقة لا تقطع ولا نشاز فيها، وكأنّه بذلك يخطّ نمطا من الكتابة يخصّه ويملك مفاتيحه وحده.

المصدر: meo

شاركنا تعليقك
×
إعلانات
شخصية من بلدي
الصورة بتحكي
إعلان عقاري
رجال أعمال