لا أدري يا معالي الوزير إذا كنت تقرأ لي أم لا، فأنت لا تعرف كل الصحفيين أما أنا على الأقل أعرف عنك ما يكفي فضولي الصحفي وما يتيح لي الابتعاد عما أعتقد أنه محرج لك، فلا تفكر باستعمال سيفك الباتر الطويل الذي استخدمته على صحفيين وصحفيات، ولم يرفع الظلم عنهم أحد.
وإذا أردت أنت أن توسع صدرك قليلا، فلست مضطراً أن تعرف عني أكثر ما تسمعه أو تنقله إليك مصادر معلوماتك. وأنا لا ألومك إذا كنت لا تقرأ ما ننشره يا معالي الوزير، فليس هناك ما يغري بالقراءة هذه الأيام. ونحن نٌقر أن مشكلتنا ليست في الكتابة إنما بجدوى الكتابة.
لذلك سأتجرأ في التوجه إليك طمعاً مني في أن تظل هذه الأقلام التي تكتب قادرة أن تحمل القليل والممكن من الحرص والرأي والغيرية، لأن ما نقوله بكل صراحة لا يرتبط بمنافع شخصية، خاصة وأننا بلغنا سن التقاعد ولسنا من طلاب الولاية الذين يطبلون ويزمرون لإرضاء أصحاب القرار بغض النظر عن صحة أو خلاف ما يقولون عن الواقع وحقيقة الأمور.
أولى الحقائق التي يجب أن نعترف بها هي هزيمتنا كلنا، و لا أريد أن يشط بي القلم للتنظير، ولا يهمني من سلسلة الممنوعات الطويلة سوى أمر واحد: أنني أتوق إلى إعلام مؤثر، وإلى عدالة بين الإعلاميين، وإلى صوت الإعلام المرتفع تحت سقف الوطن كي تظل رؤوسنا مرتفعة إعلامياً أيضا كما هي في ميادين السياسة والحروب ومواجهة الحرب الظالمة على بلدنا.
أتوق مثل أي صحفي وأي مواطن أن نعمل لننتصر لبعضنا وليس على بعضنا البعض.
وجعي كما هو وجع كل صحفي وكل مواطن إن إعلامنا جسد بلا روح، وإن الرأس في هذا الجسد مكانه يجب أن يكون في قاعات التدريس وبين الطلاب والاكاديميين، ويشهد له الجميع بأنه الأكثر فائدة في أروقة الجامعة.
منذ توليكم منصب الوزير نسمع عن الخطط والبرامج وتحسين الواقع الإعلامي واللامركزية، وتطوير المحتوى الإعلامي، لكن أين ذلك كله؟
مواقع ووسائل إعلامية تعمل بلا متابعة ولا رقابة ولا محاسبة. مخالفات واضحة وبكل علانية، وليس هناك من يتحرك لضبط هذا الانفلات في عملها.
رؤساء تحرير لمواقع، مرخصة وغير مرخصة، تتصدر أسماءهم هذه المواقع ولم يكتبوا يوما حرفا واحداً ولا علاقة لهم بالعمل الصحفي.
مراكز تدريبية غير مرخصة من وزارة الإعلام تقيم دورات لتأهيل الصحفيين وتمنحهم شهادات في الدبلوم الإعلامي وفي التحرير الصحفي.
مدربون في هذه المراكز والدورات لا علاقة لهم بالصحافة والإعلام حيث أصبحت مهنة التدريب بالنسبة لهم مصدراً للثراء.
قنواتنا الوطنية تستضيف شخصيات معادية للوطن والشعب والجيش ومرتبطة بالموساد وليس هناك من يحاسب أو يقدم الرواية الحقيقية للناس.
صحيح أننا كما قال السيد الرئيس:
أدركنا متأخرين أن السلاح هو الإعلام، ولكننا يجب الآن ان نعمل جاهدين للمرحلة القادمة لأنها مرحلة إعلام.
وبالعودة أيضا إلى ما قاله السيد الرئيس بأن الإعلام السوري يحتاج إلى عملية تنظيف من الفساد والترهل، وهذه من مهام الحكومة ووزارة الإعلام. فمتى تبدأ هذه العملية؟ وإلى متى التريث والترحيل؟
وأعتقد أنه ليس هناك من يحتاج التذكير بأن الإعلام لا يقل أهمية عن قضايا التعليم و الصحة و التنمية بصفة عامة، وبالتالي فإن الإبقاء على حالة استفحال الأزمة في هذا القطاع يهدد مستقبل البلد برمته، اسرعوا إلى إصلاح أحوال الإعلام.. وندعوكم إلى العلانية لأنها من أبرز مؤشرات وسمات الشفافية.