صباحُ ما بعد الخذلان

أفتح ستائر جفوني كلّ صباح
وأنهض لأغسلَ عن وجهي حزن الأيّام الماضية،
أبتسمُ ليبدو وجعي أنيقًا،
وأجلس أمام المرآة لأنظرَ إلى وجهي المليء بالتّضاريس الورديّة الّتي تشكّل هضابًا على خارطة ملامحي.
أعجزُ عن كبحِ جموحِ عينيَّ، فتتسابقُ أدمعي
وكأنّ هناك جائزةً يفوز بها الأسرعُ في الانتحار..
وكما بعد كلّ انهيار، أخرجُ لأستنشقَ هواء مدينتي، فأجده لوحًا زجاجيًّا، أكسره قطعةً قطعة، وأدخله قسرًا إلى حنجرتي.
في كثيرٍ من الأحيان،  أتعمّد إيلام نفسي بشكلٍ أكبر من المعتاد، فقط ليتخدّر مكان الجرح، وأفقد الشّعور كاملًا..
وباءٌ أنا، أينما لمستني نزفتُ كآبةً، تمّ وصفُ حالتي بأنّي أُعاني من خذلانٍ مُفرط، فمارستُ الوحدة نوعًا من الحمية، علّني أفقد بعضًا من وزن الخيباتِ الجاثيةِ على صدري.
وبعد كلّ ما مررتُ به، أجدني أصارع لأنقذَ جنين أحلامي، رغم علمي بأنّه قد سقط من رحمِ الحياة مشوّهًا..
فقدتُ شهيّتي من كلّ شيء عدا الكتابة، مضى يومان لم أقضمْ بهما سوى رأس القلم، تقيّأتُ الكثير من النّصوص، واستبدلتُ دمائي بحبرٍ أزرقَ قاتم.
فكّرتُ كثيرًا من قد يهمّه أمر نجاحي، من قد يشكّل حزني فارقًا في يومه، وعندما كانت الإجابة لا أحد، تشرنقتُ على ذاتي آملةً أن أخرجَ ذاتَ يوم مُفعمةً بالحياة والأمل..
أريدُ صدرًا يتّسعُ لخيباتي
وسطرًا يلخّص ما أشعر به الآن،
وصمتًا أُلملِمُ به شتاتي،
لأكون كما ينبغي لي أن أكون.