الياقوت السوري - جريدة الكترونية مستقلة
اللجنة المركزية للحوافز والعلاوات التشجيعية والمكافآت برئاسة تجتمع لمراجعة وإقرار أنظمة الحوافز لعدد من الجهات العامة التربية: دورة تكميلية الشهر المقبل لطلاب الصف الأول والثاني الثانوي المهني الجيش الروسي يحبط عدة هجمات إرهابية أوكرانية ردا على مناورات أمريكية مشتركة..كيم جونغ أون يدعو إلى تعزيز القوة البحرية لـكــوريـا الـشـمـالـيـة مـ صرع عشرة أشخاص جراء تـحـطم طـائـرة شمال موسكو العاصفة الاستوائية فرانكلين تصل إلى اليابسة تشديد الرقابة على الأسواق وتأمين مستلزمات الإنتاج أهم مطالب المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال انتهاء عمليات إصلاح بئر شريفة 6 بنجاح الدفاع الروسية: مـقــاتلات روسية تعترض طائرتي استطلاع قرب القرم مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق تحدد أجور نقل ربطة الخبز أول عملية زرع رحم في بريطانيا تميّزت بلحظات عاطفية ومؤثرة: امرأة تبرّعت برحمها لشقيقتها في عملية ناجحة استغرقت 9 ساعات افتتاح قمة بريكس.. بوتين: روسيا قادرة على تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية.. شي جين بينغ: لا نسعى لأي حروب اقتصادية :أخر الاخبار

أبغض الحــلال.. والأبنــاء «فـــرق عملـــة» ولا أحــد يلتفت إليهــم!

هدى سلوم- معينة جرعة
109
2019-09-19

أبغض الحــلال.. والأبنــاء «فـــرق عملـــة» ولا أحــد يلتفت إليهــم!

content image

يدورون في الأرض كما تدور بهم، إلى أن تلتقي خطواتهم على نفس الطريق وذات المحطة، فتكون لهما القسمة والنصيب في هذه الحياة التي لا تنفك تعبث بهما وتؤرجحهما بين واقع تطئ أقدامهم فيه الأرض ونجوم أحلام يقطفونها من السماء، وقد لا يطالان أحدهما ويفتر الاهتمام، فيتعثران ويقعان على وجههما ليفقدا رشدهما ويكون الفراق والطلاق، بعد أن كانا في وفاق ومحطات التقاء وأولاد قد تسربوا من بين أصابع الزمان، ليتوهوا بين دربين متعرجين إلى بيتين مغمضي العينين باختلاف الطرفين، ولسان حالهم يصرخ ويقول: يكفي أنا حائر بينكما؟

* جاد: أبي وأمي تطلقا منذ أكثر من عشر سنوات، لتبدأ حياة كل منهما من جديد مع زوجة أو زوج آخر، أما أنا فقد تهت بداية بينهما، وتحملت ذنب طلاقهما وحدي، بداية أقمت وعشت برعاية أمي ولما كبرت في ظل رجل ليس بأبي وكنت قد وصلت سن المراهقة بدأت مشاكله معي ولم يعد يطيقني أو يرغب بوجودي، ويتذمر من تصرفاتي وأصدقائي، ويحاسبني على مصروفي، بل يذكرني بمناسبة وغير مناسبة بما صرفه علي حتى الآن، وأني لست ابنه ولم يعد يصبر علي، وعندما ضاقت بي الدنيا ذهبت إلى أبي في حمص، لكن زوجته لم تكن ترغب بوجودي ولديها ولدان، نبذتني وأذاقتني الأمرين بالإضافة إلى إهاناتها لي أمام من يحضر إلى بيتها، عندها حملت أغراضي وتهت في طرقاتي إلى أن تعبت ووجدت نفسي أطرق باب عمل عند (كومجي) رضي أن أعمل عنده صبياً، لقد تركت مدرستي وتعلمت عنده فأنال منه ما يسد رمق عيشي ولست بحاجة لأبوين، وأسأل نفسي بما أذنبت، وبأي حق أدفع ثمن أخطاء غيري، أعيش وحيداً وغريباً في هذه الدنيا في الكراج البارد البائس، أكره أمي وأكره أبي وأغار من إخوتي في أحضانهما، وأحسد أصدقائي الذين يعيشون حياة هانئة آمنة يدرسون وينجحون.

* شريهان: مذ كنت صغيرة في الابتدائي وأنا لا أرى غير المشاكل بينهما، ووجه أبي العبوس وأمي تبكي، وأصواتهما تتعالى حتى يخرج عليهما الجيران، لم أجدهما يوماً في وفاق، ولم يجلسا مع بعضهما ويشربا القهوة أو يزورا معاً صديقاً، أمي متطلبة وتقوى عليه بدراستها لتحاول السيطرة عليه وتحسب تصرفاته ومصروفاته، إلا أن أبي عصبيّ ولا يترك لها مساحة من حرية الرأي، صحيح أنه يحتضنهما بيت واحد إلا أن لكل منهما غرفته الخاصة، إنهما مطلقان نفسياً ولا اهتمام لواحد منهما بالآخر، غير أنهما يرددان أنهما يعيشان معاً إلى اليوم لأجلي وينتظران زواجي بفارغ الصبر حتى لا يعيّرني أهل زوجي بطلاقهما، وأنا أكره الزواج ولن أتزوج أبداً.
* نور: طلق والدي أمي لأمر بغيض منذ زمن بعيد لا أذكر، كنت صغيرة بعمر الأربع سنوات، فأخذتني وأختي معها إلى بيت أمها، وكان والدي يتردد على زيارتنا ورؤيتنا في بيت يتجمع فيه أولاد المطلقين مع أهاليهم الذين أتوا لرؤيتهم وقد حملوا لهم الحلوى والبسكويت، وأمي ترفض لقاءنا به وتمنعنا عنه أغلب الأوقات، وحين تبدل الوضع وتزوجت والدتي لتخلي سبيلنا لوالدي الذي تزوج هو أيضاً وكان قد صار لنا عنده من الإخوة اثنان، كنت أخاف من الغربة بينهما لكن ظني تلاشى بترحيب زوجته لنا، وقد عاملتنا كأولادها ومضت سنون ولم ينقصني وأختي شيء سوى أمي التي امتنعت عنا فلا وقت لديها لرؤيتنا أو زيارتها بعد أن أصبح لديها طفل وزوجها الذي يصغرها بسنين يرفضنا بالتأكيد، وبتنا في سن الشباب تدفعنا زوجة أبي للنجاح في مدارسنا لنكون في الجامعة عما قريب، حتى أنها تردد أنها لا ترضى لنا بالقليل وستزوجنا أحسن الشباب إذ لا ينقصنا شيء، جمال وعلم وأدب وأخلاق، أحب أبي وزوجته الطيبة لكن أحس بشيء ما ينقصني، أمي تشعر بالذنب لأنها السبب في الطلاق وتفرقنا وإهمالنا، لكن الزمن لا يعود للوراء، وأنظر للأمام والمستقبل وأحلم بزوج يعوضني ما حرمت منه ويدفع عني مخاوفي.
* السيدة نسرين، أم لولدين: بعد انهيار علاقتي الزوجية ولا بد من الطلاق أسئلة كثيرة طرحناها ولم نصل إلى أجوبة، وضعي المادي لا يمكنني من العيش مع أولادي، وبقوا مع والدهم وبعد فترة تزوج الأب وهنا بدأت المشكلة، أولادي لم يتقبلوا العيش مع امرأة ثانية، تغيّر سلوكهم وانحرف أحدهم إلى الكذب والسرقة والهروب من المدرسة ولم أستطع إعادته إلى الصواب وغالباً يحمل أخطاءه لسبب طلاقنا وقسوة الحياة التي يعيشها إذ لم يستطع تقبل فكرة العيش بعيداً عني ووالده مصمم على بقائه، أشعر بالندم كان يجب أن أتحمل كلّ شيء من أجل أولادي وقراري كان خاطئاً ولكن (سبق السيف العدل).
* السيد حمدان: يعاني الأطفال من حصول بعض الاضطرابات النفسية كالشعور بالضيق والقلق وعدم تصديق ما يحصل في العائلة، ويعيشون على أمل أن تصلح الأمور ويعود الاستقرار، لكنهم مع الوقت اعتادوا على التغيرات التي حدثت بعد الطلاق وانفصالي عن والدتهم وتفهوا أن الوضع الجديد أفضل بكثير فحياتنا كانت شجاراً وصراخاً وتهوراً وفوضى وعدم اهتمام، أما الآن فقد تبرمجت حياتنا بشكل جديد وصحيح وكل واحد منا يعرف حقوقه وواجباته ونعيش بسلام وهم يذهبون دائماً لزيارة والدتهم ويحملون لها كل ما تحتاجه فالحياة هكذا أفضل بكثير فلا بد من التضحية من أجل الأولاد وأنا أعيش معهم ولهم فقط ولن أفكر بالزواج ثانية وسأبني معهم مستقبلهم.
* محمد في العشرين من العمر: كنت في العاشرة من عمري عند انفصال والدي وذهبت إلى العيش في بيت جدي، تغيّر كل شيء في حياتي، فأنا الولد الوحيد لأهلي وبيت جدي يسكنه تسعة أشخاص وجميعهم يكبروني بسنوات فكيف ستكون حياتي؟ أصبحت أكره كل الناس حتى أمي وكلما رأيتها أحتقرها على الرغم من ظلم والدي لها وصممت أن أكون نفسي درست وبعدها تطوعت في الجيش بعد الإعدادية كي أساعد أمي وأخفف الحمل عن جدي وتغيرت مسيرة حياتي على الرغم من حصولي على علامات مميزة في كل الصفوف، وما زالت حتى الآن تسيطر على حياتي العدوانية والكره للعائلة وأزور والدي مكرهاً وأصبحت في حياتي عقدة الزواج لا أرغب في الزواج وأعتبره صندوقاً مليئاً بالمفاجآت.
* إنصاف: بعد الطلاق ذهبت برفقة بنت وصبي للعيش في بيت أخي ليس لي مكان آخر، أصبحت أعمل في الزراعة لأكسب أجرةً يومية، ولكن الكارثة الكبرى التي أراها كل يوم، ابنتي تعمل كخادمة في بيت خالها وابني تعلم من خاله التدخين وشرب الكحول في عمر الحادية عشرة، وماذا يمكنني أن أفعل لهم، فوالدهم تخلى عنهم نهائياً ولا يقدم لهم أي شيء سوى النفقة المحددة من قبل المحكمة، وكم تكفي في هذه الأيام.
* الآنسة عفراء العلي، علم نفس: الطفل هو ضحية الطلاق وهو الخاسر الأكبر بينهما، فيكون مشرداً وحائراً بين جهتين، يفتقد دفء الأسرة والحياة الطبيعية ويشعر باختلافه عن باقي رفاقه في المدرسة، كما يحس بالخوف والحزن الشديد والاكتئاب والارتباك وقد يعتقد بأنه السبب في هذه المأساة ليعمل على إعادة العلاقة بين والديه مما يزيده بؤساً ومعاناة.
الباحثون النفسيون يؤكدون أن الطفل الذي يعيش مع أحد الوالدين هو أكثر عرضة لمخاطر الاضطهاد والتعسف البدني والنفسي وتبرز لديه مشاكل وتعقيدات أخلاقية وانحرافات قد تكون شديدة المأساة في المستقبل.
إن الطفل الذي انفصل والداه ليست لديه القدرة على أن يعبر عن نفسه وأفكاره ومشاعره ورغباته وهو ما قد يصل به إلى الضياع، إذ يتلقى التوجيهات من كل صوب تعويضاً لوالديه، إن كلمة طلاق أمامه ترعبه والأجواء المشحونة وعدم انتباه الزوجين لطريقة الانفصال لها آثارها السلبية على تطور الطفل النفسي والاجتماعي وأدائه الدراسي، وما قد يعيشه في نزاعاتهم المتكررة قد يكون أكثر خطراً من الطلاق نفسه، لذا عليهما مصارحته والتأكيد على أنهما يتحملان مسؤوليته والتشديد بالقول أن كل ما يجري لن يؤثر على حبهما له، بعدها لينصتا لنظراته والتي فيها كل كلماته وما يجول في قلبه وعقله، واذكرا محاسن بعضكما أمامه ولا تلفظا بالسيئ منها فهو يحبكما بنفس المكيال والمقدار، ولا يحرم أحدكما رؤية الآخر ولا تضعا شروطاً عليه وحاولا عدم اللجوء للمحاكم لحق رعايته وانتقاماً من بعضكما بل لا تخيروه بينكما، ولا يستغله أي منكما في التجسس على الآخر ونقل الأخبار وتذكروا أنه كان يعيش بينكما في بيت واحد فلا تقهروه بالذكريات القديمة وتنهروه بانفصالكما.
الطلاق أبغض الحلال إلى الحرام، وهو أكثر القضايا الاجتماعية الشائكة التي تسعى عدة مؤسسات أهلية وحكومية لحل تبعاتها أو منع حدوثها، وأكدت على ضرورة وجود مكان صحي آمن يلتقي به الآباء والأمهات بأولادهن ووجود موظفين مؤهلين لمثل هذه اللقاءات.
* د. فتاة صقر، دكتوراه علم اجتماع تربوي: للطلاق آثار نفسية اجتماعية على شخصية الطفل مثل عدم الثقة وفقدان الدفء والاستقرار والقلق وعدم الشعور بالأمان وذلك يعود إلى النقص في تلبية حاجاته النفسية والاجتماعية، وتفكك الأسرة نتيجة الطلاق يقود إلى تفكك علاقة الطفل بوالديه وأسرته وخصوصاً إذا تم سرد الأحداث والمشاكل أمامه، لكن الطفل لا يكره أمه مهما حصل بل يتم تحويل الكره إلى نفسه، وهنا تبدأ المشكلة عندما لا يحب الطفل نفسه يتم قتل روح الإبداع والمبادرة في الحب والإنجاز، وهنا يبدأ الطفل بالتعلم على لبس القناع وعدم التصرف على طبيعته كي ينال رضا الوالدين وبالتالي يبذل طاقة نفسية كي يخفي طبيعته المبنية على الفطرة وتبدأ مسيرة النفاق بجوانب شخصيته التي تشكل عبئاً في المستقبل ويمكن أن يقود إلى مشاكل لاحقة في علاقاته مع الآخرين.
ولكن إذا كان الوالدان يتمتعان بثقافة تربوية ومتفقين على الفراق بطريقة توافقية فإن الطفل لا يتأثر والتأثير السلبي لا يذكر.

المصدر: الوحدة

شاركنا تعليقك
×
إعلانات
شخصية من بلدي
الصورة بتحكي
إعلان عقاري
رجال أعمال